سودان بكرا
سودان جديد شكلا وموضوعا
د. إبراهيم الأمين
السودان الجديد كشعار بعد ان طرحته الحركة الشعبية وجد القبول خاصة في الاطراف التي شكل لها قاسماً مشتركاً وتوجها عاما وان اختلفت في تفاصيله. استخدام البعض من انصاره, ومن معارضيه لغة جافة وجارحة وتبنيهم لدعوة تصفية الحسابات ونفي الآخر عمق الأزمة باضافته أبعاداً جديدة لها .. مفهوم السودان الجديد ان تم التعامل معه بموضوعية بعيداً عن التطرف والنظره الحزبية الضيقة يعني استيعاب الواقع لمعرفة نقاط القوة لتعزيزها ونقاط الضعف لمعالجتها، أن الايمان بوحدة السودان الجغرافية والسياسية والحرص على الابقاء عليها لا ينفي حقيقة مهمة وهي ان مهددات هذه الوحدة كانت ماثلة في الافق قبل أن ينال السودان استقلاله في يناير 1956م.
السودان اليوم يمر بمرحلة انتقال وما يجري الآن من حوار في الداخل والخارج حول مستقبله قضية محورية يجب أن يشارك فيها الجميع تفادياً لسلبيات ظلت مصاحبة لنا في كل مراحل الحكم الوطني وهي اختزال قضايا الوطن مع ضخامتها وصعوبتها لتصبح مجرد اجندة عادية في دفتر الحكومة والحكومة جزء وليس كل الشعب السوداني وفي تجمعات النخبة غير الرسمية يتم تناول مختلف القضايا اسبابها دون أن يطرح كل واحد منهم سؤالاً مهماً وهو ماذا قدم لمعالجة هذه القضايا؟ نقد الاخر وتحقيره دون التعرض لسلبيات الذات، الاعتراف بها والسعي لمعالجتها مرض خطير وهو من اصعب الامراض الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع السوداني خاصة النخب التي تريد بطريق او آخر فرض وصايتها على الناس الاستاذ احمد ابراهيم دريج وهو من رموز السودان ومن المهتمين بقضايا البلاد واستقرارها تحدث في ورقة له عنوانها من اجل نظام جديد للحكم في السودان عن تجارب الماضي وطالب الجميع بوقفة مع الذات اذ قال: لكي نقف على اقدامنا لا بد ان نقف على اخطائنا .. ليس عيبا ان تتعلم الشعوب من اخطائها بل العيب هو ادراك الخطأ والبناء على حطامه .. وليس عيباً ان ننتقد مسيرة الماضي بل العيب هو الاصرار على السير في طريق افقي الى الذل والهوان والتفرقة والحروب ان النظرة الموضوعية لتجارب الماضي المريرة يجب ان لا تعمينا عن الواقع الذي نعيش فيه وحقائق العصر .. اننا نعيش عملياً واقعاً يتسم بالتجزئة ويرفض ان يواجه قضايا الوحدة بروح موضوعية .. وهي تجزئة موروثة بعضها مستحدث والبعض الآخر مستورد .. لقد ورثنا سودان الديانات المختلفة والبيئات والنشاطات الاقتصادية المتباينة .. واستحدثنا انظمة من الحكم ساعدت في تعميق شقة الخلاف واستوردنا فوق ذلك مذاهب ونظريات وآيدولوجيات اسهمت في تعميق واقع التجزئة الذي نعيشه .. واضاف الكاتب أن الطريق الوحيد لتحقيق الوحدة الوطنية التي تشكل الأساس للانطلاق على طريق التنمية هو النظام الفدرالي الذي اثبت قدرته على الصمود والبقاء في دول كثيرة تشابه ظروفها الموضوعية ظروف السودان .. الفدرالية في نظرنا هي المخرج الوحيد من أزمة الحكم الدائمة التي ظلت تعرقل مسيرة شعبنا .. وهو مشروع نطرحه للنقاش الموضوعي بعيداً عن هستريا التشنجات السياسية وردود الفعل العفوية والعصبية .. والانتماءات القبلية والاقليمية والحزبية الضيقة.
د.إبراهيم الأمين
مركز 6 أبريل للدراسات الاستراتيجية والثقافية