تحديات الحكومة الإلكترونية
محمد يحي عثمان
خبير التمويل والاستثمار المالي والبورصات
اتجه السودان تبني مفهوم الحكومة الالكترونية او مايعرف بالحكومة الذكية في العام 1993 حيث تبنت الحكومة مشروع الحكومة الالكترونية و كانت من اوائل الدول التي تبني هذا الاتجاه بعد الولايات المتحدة عام 1992 في الشرق الأوسط وافريقيا والتي كان الهدف الرئيسي ربط المؤسسات والمواطن لتسهيل تقديم الخدمات التي تقدمها الدولة لصالح المواطنين مثل التقديم لاستخراج الرخص التجارية والتقديم لخدمات العمرة والحج وتقديم خدمات التعليم الالكتروني والتقديم للجامعات والتقديم لاستخراج شهادات بحث الأراضي الزراعية والسكنية والاستثمارية وتقديم خدمات ترخيص المركبات وخدمات الدفع الالكتروني وغيرها عبر تطبيقات الموبايل والصرافات الالية والمواقع الالكترونية المخصصة لذلك لتقليل الجهد والزمن والتي تساعد الدولة او الحكومة لتقليل او تخفيض الانفاق الحكومي وزيادة الإيرادات وتقليل وغياب الفساد او التلاعب الذي اصبح من فساد اشخاص الي فساد مؤسسات وتعمل الدولة علي ادارتة بدلا من محاربة واولئك الأفراد الذي يقننون هذا المرض داخل اروقة الدولة.
وهنا نتطرق الي تجربة الدولة في تطبيق مفهوم الحكومة الالكترونية وتناول أهم مراحلها
ففي العام 1994تكون المجلس الاستشاري لنظم المعلومات ثم تلاه في العام 1999 إجازة قانون المركز القومي للمعلومات والذي تم افتتاحة في العام 2001 ليقوم بمهامة في تطبيق مفهوم الحكومة الذكية او الالكترونية في جميع مؤسسات الدولة وفي العام 2015 تم تدشين السلطة القومية للمصادقة الالكترونية(التوقيع الالكتروني ) في سلطة تنظيم الاتصالات و البريد والذي يعتبر أهم عنصر من عناصر نجاح مشروع الحكومة الالكترونية كما تم في نفس العام افتتاح بوابة السودان الالكترونية والتي تقدم مايقارب 1460 خدمة اللكترونية ثم تبعتها في العام 2016 انشاء وتطوير منصة الدفع الالكتروني او مايعرف بايصال 15 الخاص بسداد جميع المدفوعات لصالح وزارة المالية والاقتصاد الوطني والذي يساعد الدولة في أيلوله المال العام دخل الوزارة .
وكذلك في العام 2018 تمت اجازة قانون جهاز تنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات .
وهنا نلاحظ التطور الكبير والسريع للبنيات التحتية لقيام مفهوم الحكومة الالكترونية( الذكية) في السودان والذي بدأ كمرحة أولي كغرف لسيرفرات الي ان تحول وتطورت الي الياف ضوئية بطول 30 الف كيلو متر مع الترخيص لي أربعة شركات اتصالات تقدم خدمات الاتصال والانترنت بتغطية وصلت الي 80٪ من المساحة المهولة بالسكان .و35٪ من المساحة الجغرافية بالبلاد بإجمالي 6.500 برج حيث وصل سعات الانترنت حوالي 100 قيقابت بيرسكن
ووصل مستخدمي الهاتف الي مايقارب 32 مليون شخص وخدمات الموبايل الذكي والإنترنت الي 16 مليون مشترك كما وصلت مساهمة قطاع الاتصالات والإنترنت في الاقتصاد والناتج المحلي الاجمالي بصورة مباشرة او غير مباشرة 14٪ أي مايعادل 50٪ من دخل هذا القطاع في صورة ضرائب وقيمة مضافة تعد للدولة وهي نسبة تفوق مساهمة قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والنقل والصناعة مجتمعة ويمكن ان تصل الي اكثر من ذلك بعمل مزيد من الاصلاحات داخل هذا القطاع .
كتحديث القوانين وانشاء جهه تسند إليها وضع الاستراتيجية والخطط لهذا القطاع وجهه اخري متخصصة لفض النزاعات يحتاج القطاع أيضاً مراجعة تركيبة هيكله بتكوين جهة تشريعية تضع القوانين والتشريعات المنظمة وجهه تنفيذية تتصف بالمهنية العالية تتابع تنفيذ وتطبيق تلك التشريعات والقوانين مع تواجد مشغلين لتقديم خدمات الانترنت والربط الشبكي وضخ مزيد من الاستثمارات من قبل الشركات الموجودة .
وفي العام 2016 تم وضع خطة طموحة من المركز القومي للمعلومات والذي يحتاج من الدولة اعطاءه مزيد من الاصلاحيات حتي يقوم بدورة في تفعيل الحكومة الالكترونية وعرفت بالخطة الموجهه لتطبيق الحكومة الالكترونية 2016/2022 والتي ارتكزت علي 5 اهداف اهمها
• تحسين جودة الخدمة •تطوير كفاءة الأعمال الحكومية
•تطوير الثقة والموثقية في الأعمال الالكترونية
• الحوكمة والشفافية
• تحقيق الريادة في مجال الأعمال.
كاما كانت تستهدف اكمال وتطبيق مفهوم الحكومة الذكية في جميع أنحاء البلاد في المؤسسات الحكومية والهيئات الحكومية والخاصة والمحليات لحوسبة جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة لتقدم بسرعة وكفاءة عالية للمواطن.
ومن هذا السرد اعلاه نجد ان التجربة في هذا القطاع وخاصة في مايتعلق بتطبيق الحكومة الذكية كانت منطلقة بقوة في الفترة ماقبل الثورة ثم بدء بعد ذلك التباطؤ في اكمال ماتم ذكرة سابقاً بسبب الاوضاع السياسية بالبلاد الي ان جاءت الحرب في العام 2023 ثم توقف كل ذلك .
وهنا نطالب الدولة والحكومة الحالية بالتجهيز واعادة الحراك ووضع الخطط والاستراتيجيات لهذا القطاع المهم والحيوي عبر إطلاق مبادرة من مجلس السيادة ومجلس الوزراء والقطاع الخاص والجهات ذات الصلة من كجهاز تنظيم الاتصالات والبريد والهيئة القومية للاتصالات والمركز القومي للمعلومات او مايعرف بالحكومة الالكترونية وزارة المالية بصفتها المستفيد الاول من استمرار تنفيذ وتبني الحكومة الاكترونية لما له من فوائد كايلولة جميع المال العام لصالحها وتسخير الجهود في هذا الامر وان تستكمل هذا المشروع لما له من أهمية علي مستوي الاقتصاد القومي .
حيث نجد ان من أهم مايعوق قيام الحكومة الالكترونية بجانب البنية التحتية غياب توفر الرؤية والارادة لدي متخذي القرار الحكومي كما نطالب متخذي القرار العمل بعقلية متجددة ومنفتحة والبعد عن التحجر في الافكار وتطوير مفاهيم صانعي القرار لاستيعاب دور التحول الرقمي في إضافة كثير من القيمة المضافة للقطاعات الاقتصادية والحكومية التي تقدم خدماته للجمهور.
الحديث عن الخدمات المصرفية والتقنية المصرفية
يقودنا الي الحديث عن الشمول المالي وهي احد اهم العناصر في العصر الحديث لتحقيق التنمية والنموء الاقتصادي حيث يعرف الشمول المالي بانه اتاحة جميع الخدمات المالية والمصرفية لجميع افراد الدولة وخاصة ذوي الدخل المنخفض والمحدود بتكلفة معقولة وبسهولة ودفع جميع التزاماته عبر حساب مصرفي او بطاقة مصرفية او محفظة الالكترونية وتكون متاحة الحصول علي تلك الخدمات في دائرة تواجدة ويمكن الحصول عليها بكل سهولة ويسر وذلك بربط جميع الخدمات التي تقدمها الدولة بالنظام المصرفي وانظمة الدفع الالكتروني عبر وسائل الدفع الالكتروني والتي تقود الي تقليل تكلفة طباعة النقود الورقية وذلك بانخفاض تكلفتها مقارنة مع وسائل الدفع الورقية
والتي تساعد أيضا الدول والحكومات في تقليل نسبة الفقر وخاصة ذوي الدخل المحدود ويساعد في تحسين مستوي المعيشة لهم عبر الية الحصول التمويل الصغير والمتناهي الصغر من خلال قاعدة البيانات التي توفرها .
كما تساعد الدولة في عملية التخطيط الاقتصادي واتخاذ القرار الاقتصادي.
وهنا تجدر الإشارة الي ان الدولة سعت الي تطبيق هذا المفهوم خلال السنوات الماضية وقطعت اشواط في هذا الامر من بنيات تحتية وخدمات اتصالات وانترنت وتطبيقات بنكية وخدمات بطاقات محفظة ألكترونية ومحفظة افتراضية الان ان هنالك بعض التحديات التي واجهتها والتي من ضمنها اتساع الرقعة الجغرافية والكثافة السكانية البسيطة وارتفاع تكلفة تقديم الخدمة ومشكلة عدم او ضعف الثقة في القطاع المصرفي وهنا يواجه البنك المركزي التحدي الاكبر وذلك بتبني هذا الاتجاه وخاصة في فترة مابعد الحرب وذلك بإكمال بعض النواقص في هذا الخصوص خاصة في داخله باعطاء اهتمام أكبر لهذا القطاع الحيوي والمهم بتوفير التشريعات والسياسات واللوائح المنظمة لهذا القطاع وتبني دور الترويج والتسويق والاعلان لمثل هذة الخدمات و تفعيل دور ادارة التقنية ونظم الدفع الالكتروني وتحويلها من مجرد ادارة أي قطاع مهم وكبير داخل البنك وتقوية وتعزيز ذراعة التقني وهي شركة الخدمات المصرفية EBS مع الاطلاع علي تجارب الدول المحيطة بناء والتي تبنت مفهوم الخدمات والتقنيات المصرفية لتعزيز مفهوم الشمول المالي حيث نجد دول مثل موريش وهي لاتقارن بناء من حيث الامكانيات بلغت مستوي الخدمات المصرفية و الالكترونية وخدمات الدفع والالكتروني فيها نسبة 88٪ وكينيا أيضا نسبة 81٪ وتنزانيا نسبة 68٪ ويوغندا نسبة 58٪ ومصر نسبة 52٪ ونجد ان السودان مازال يتراوح في نسبة اقل من 10٪ تنحصر في عدد 2 مليون حساب مصرفي 1.7 مليون بطاقة مصرفية ومحفظة ألالكترونية وهذا رقم متواضع مقارنة بعدد السكان في السودان
وهنا نجد ان من أهم التحديات التي واجهت هذا تطبيق هذة التجربة في السودان عدم تواجد نموزج عمل ينسق بين الجهات ذات الصلة والمكونة لهذا القطاع من بنك مركزي وبنوك وقطاع خاص وشركات الخدمات المصرفية وغياب مجلس اعلي للدفع الالكتروني يضم هرم القطاع المالي والمصرفي كما في كثير من الدول من مهامة مراقبة وتنظيم حركة الاموال ألالكترونية التي قد تصل الي مليارات الدولارات في الشهر الواحد.