أولويات الاعمار واعادة التاهيل بالسودان !؟
السفير . د. معاوية التوم
لاشك أن الحرب التي طالت البلاد في أبريل ٢٠٢٣م، والواقع المأساوي والكارثي الذي خلفته بالمشهد الداخلي، والجراح الغائرة والأضرار الجسيمة التي ترتبت عليها . لها كلفتها الباهظة و أبعادها وآثارها العميقة التي قد تمتد لسنوات طوال .سيما وأن البلاد ظلت تعاني عدم الاستقرار السياسي والأمني منذ العام ٢٠١٩م ، وواجهت العديد من التحديات ولا تزال حالة السيولة والهشاشة قائمة . فضلا عن فداحة تبعات الحرب الحالية ومآلاتها، وكسائر البلدان التي تتاثر بالحروب والصراعات والصدمات النفسية المجتمعية لابد لها من مرحلة تتصل بطي صفحة الحرب بوضع أولويات للإعمار وإعادة التأهيل في السودان . وفق خطط إسعافية وبرامج تعتمد على عدة عوامل. من بينها حجم آثار الدمار والخراب ، واحتياجات السكان، والموارد المتاحة، والجهود المحلية والإقليمية والدولية. لكن بشكل عام، يمكن تحديد الأولويات الأساسية والعاجلة على النحو التالي:
1. البنية التحتية الأساسية:
•إعادة تأهيل الطرق والجسور والمطارات لضمان الحركة والتنقل.
•إصلاح شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي.
•المنشآت النفطية والصحية والتعليمية والمطاحن .
. المناطق الصناعية والأسواق ومؤسسات الدولة ذات الطبيعة الملحة .
. بناء مساكن للنازحين والمتضررين من النزاعات والكوارث.
2. الخدمات الأساسية:
•إعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمعامل وتوفير الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية خاصة القلب والكلي والسرطانات والعظام وغرف الانعاش.
•دعم قطاع التعليم عبر إعادة بناء المدارس والجامعات وتوفير المناهج والكوادر.
•تحسين الخدمات الاجتماعية، خاصة للفئات الأكثر تضررًا مثل النساء والأطفال والعجزة .
3. دعم الاقتصاد وإعادة تشغيله:
•دعم القطاع الزراعي والحيواني بمساراته الإنتاجية المتعددة لضمان الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي.
•تحفيز الصناعات المحلية، خاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
•إعادة تأهيل الأسواق والمراكز التجارية لدعم سبل كسب العيش.
، استعادة سوق العمل والتوظيف والاستيعاب بالمؤسسات الخاصة و العامة ، وتشجيع سياسة التمويل الأصغر للشباب والحرفيين.٠
4. تعزيز الأمن والاستقرار:
•دعم عمليات المصالحة الوطنية وإعادة الدمج والتسريح للمقاتلين السابقين في المؤسسات العسكرية والمجتمع.
•ادماج الحركات المسلحة في للمؤسسات العسكرية بصورة فورية وتوحيد منظومتها.
. تعزيز دور الشرطة والنيابة والقضاء لفرض سيادة الدولة وهيبة القانون.
•إزالة الألغام والمتفجرات والأجسام الغريبة والجثث من المناطق المتأثرة بالنزاع.
. اعادة مراجعة الخطط الامنية الخاصة بالولايات والرقابة المجتمعية ورفع الوعي الجمعي، ومراقبة ورصد حركة وتنقل الأجانب .
5. الحوكمة والإدارة العامة:
•تعزيز الحكم المحلي وبناء مؤسسات قادرة على تقديم الخدمات بفعالية.
• استعادة دوائر السجل المدني والإحصاء ورصد الوجود الاجنبي وتقنينه بقوانين واجراءات صارمة.
. إصلاح القطاع العام ومكافحة الفساد لضمان الشفافية والمحاسبة في إعادة الإعمار.
•تعزيز سياسات تشجيع الاستثمار وتحسين بيئته وضماناته ودعم الشراكات مع القطاع الخاص.
6. حماية البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية:
•مكافحة التصحر وتحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعظيم الاطار والنسق الحضري بالمدن والعواصم.
•تبني مشاريع للطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
•تطوير استراتيجيات للتعامل مع الفيضانات والجفاف والكوارث الطبيعية والطواريء بصفة عامة، وحفز الزراعة الموسمية .
7. الدعم الإنساني العاجل:
•توفير الغذاء والمياه والمساعدات الطارئة للمتضررين، والرعاية الصحية الأولية .
•دعم عمليات الإغاثة للنازحين داخليًا واللاجئين العائدين ودعم برامج النفير والتكايا.
. تسريع وتيسير برامج العودة الطوعية وتامين سلامة المواطنين بتوفير الحد الادني من المساعدات والسلامة المرورية .
8- النظر في برامج التعويض وجبر الضرر للمواطنين وانشاء صندوق قومي ومحفظة وطنية لهذه الغاية .
جملة من التدابير العاجلة تحتاج الدولة أن تبسطها وتعملها لضمان فاعلية إنفاذ هذه الأولويات،لتحقيق اعلى درجات التعافي وامتصاص الصدمة . ولكن البداية تكمن في انشاء لجنة قومية لحصر الأضرار البشرية والمادية، تظل أمرا في غاية الاهمية، لان الإحصاءات والأرقام والمؤشرات التي تتوافر، من شأنها ان تعين في تحديد خارطة الطريق للجهاز التنفيذي القومي الاكبر . والذي أراه يتمثل في الموتمر القومي للتأهيل واعادة الاعمار واجهزة تنفيذية على المستوى الاتحادي والولايات التي تضررت بالحرب مع اليات ضابطة للتمويل وتحديد أولويات المشروعات . جدوى هذا المؤتمر تجسدها الأوراق العلمية التي ستخاطب جوهر المشكل وتضع التوصيات وتوجد الحلول والمواقيت الزمنية لإنفاذها . نجاح هذه الجهود يعتمد على التعاون بين حكومة السودان، والأصدقاء في منطقتنا والمنظمات والمؤسسات الدولية، والقطاع الخاص، إضافة إلى دعم المجتمع المدني. جميعها حلقات تتداخل وتتكامل مع بعضها البعض لاجل غاية كبرى لامتصاص أكبر نكبة إنسانية تعترض تاريخ السودان الحديث وتحدث تشوهات بنيوية وهيكلية مؤثرة تحتاج الي رؤية كلية متعمقة ترتكز الي ارادة وطنية وعزيمة فاعلة ،ترتكز الي الأرقام و البحث العلمي والتجارب وكفاءات عالية وقدرات هندسية وفنية مؤهلة، وأفرق عمل متخصصة لتجاوز هذه المرحلة من تاريخ أمتنا . والله الموفق