رؤى في محاربة خطاب الكراهية بالسودان!؟
أعود مرة أخرى لمخاطبة هذه الظاهرة المتجذرة في مجتمعنا منذ عقود خلت بأسباب وعوامل كثيرة، منها التنميط بمختلف أنواعه والتمييز السلبي، القبلية والإثنيات ،العصبيات ،الجهويات والمناطقيات، وربما الجهل العام . وكل أنماط التوحش اللفظي والتنمر والتصنيف ،والتسييس بغرض الإقصاء والتهميش بين فئات المجتمع ومؤسساته المدنية والمجتمعية وغيرها . وقد تناولت هذه الظاهرة بورقة علمية بالتشارك مع المركز الأفريقي للسلام والحوكمة والتحول، في العام ٢٠٢١م، ضمن ورشة أقيمت لهذا الغرض و استمرّت ليوم كامل باتحاد المصارف بالخرطوم.خاطبها السيد. مني أركو مناوي، رئيس السلطة الاقليمية في دارفور وقتها . وأشرت يومها بأن محاربة خطاب الكراهية في السودان تتطلب رؤية شاملة تعالج الأسباب الجذرية لهذا الخطاب وتعزز ثقافة السلام على المستوى الجمعي والتسامح والتعايش المجتمعي . ورفع الوعي العام بسياقات هذا الخطاب ومخاطره على الهوية و الوحدة الوطنية والسلم والاستقرار المجتمعي .وحشد كل الطاقات الرسمية والشعبية في منظومات تفاعلية للفت الانتباه للآثار والمضار غير المنظورة التي رتبها ويرتبها هذا الخطاب على واقعنا، وسقنا العديد من الأمثلة والنماذج عبر الحقب التاريخية .ويمكن تحقيق ذلك من خلال المحاور التالية:
1. التشريعات والقوانين
• تفعيل وتحديث القوانين التي تجرّم خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض على العنف والتوحش اللفظي.
• فرض عقوبات على الجهات او المجموعات أو الأفراد الذين يروجون لهذا الخطاب، مع ضمان عدم انتهاك حرية التعبير المشروعة.
• إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي لضبط المحتوى المثير للفتنة.
. لابد من أن تقود قيادات الدولة ونجوم المجتمع ورجالات الطرق الصوفية والإدارة الاهلية والجامعات محاربة هذا الخطاب العنصري والتصدي له .
2. الإعلام والتواصل الاجتماعي
• تشجيع الإعلام على تبني خطاب تصالحي يعزز الوحدة الوطنية.
• تدريب الصحفيين والمؤثرين على إنتاج محتوى يعكس التنوع الثقافي والإثني بطريقة إيجابية.
• حملات إلكترونية ضد خطاب الكراهية، بمشاركة الشباب والمجتمع المدني.
. حملات دعوية وأكاديمية توعوية لرفع الوعي الجمعي ، وإسنادها ببرامج ناقدة للخطاب.
3. التعليم والثقافة
• إدراج مناهج دراسية تعزز قيم التعددية، التسامح، والمواطنة كاساس للحقوق .
• دعم الفنون والأدب والمسرح في نشر ثقافة السلام والتفاهم بين المجتمعات المختلفة.
• تربية الناشئة وغرس القيم الفاضلة بإنشاء منصات للحوار بين المجموعات المختلفة لتعزيز التفاهم المتبادل.
. توظيف الرسومات الكاريكتيرية والمجسمات للعقاب والتحفيز لمن يكافح هذا الخطاب او يتبناه.
4. المصالحة المجتمعية
• تفعيل مبادرات المصالحة الوطنية بين الجماعات المتنازعة، ورتق النسيج المجتمعي بدعم من الحكماء والقادة الملهمين من المحليين والنماذج من حولنا .
• إقامة منتديات حوارية بين الشباب في الجامعات والمعاهد من مختلف المكونات لتعزيز التعايش السلمي.
• تقديم برامج لدعم الفئات المتأثرة بخطاب الكراهية، مثل النازحين وضحايا العنف.
5. دور المؤسسات الدينية والمجتمع المدني
• توجيه خطب الجمعة والدروس الدينية نحو تعزيز التسامح ومحاربة التعصب.
• دعم المبادرات الشبابية والمجتمعية التي تهدف لنشر الوعي حول مخاطر خطاب الكراهية.
• إنشاء شراكات بين الدولة والمنظمات المدنية غير الحكومية لمكافحة هذا الخطاب بشكل أكثر فاعلية.
6. الاقتصاد والتنمية
• معالجة الفقر والتهميش والإقصاء ، لأنها من أسباب تأجيج الصراعات والخطاب العدائي.
• دعم المشروعات الاقتصادية التي تجمع بين أفراد من خلفيات مختلفة لتعزيز التعاون والافادة من التنوع الإثني ايجابا .
لابد من انفعال اكبر لدولة بمخاطر داء الكراهية
في المجتمع، وتوظيف البحث العلمي وأدواته وارث المجتمع في التعاطي مع هذه الظاهرة . وأن هذه الرؤية تتطلب جهودًا منسقة بين الدولة والمجتمع المدني والإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية، لضمان تحقيق بيئة مستقرة تعزز قيم التعايش السلمي في السودان.وهو بحاجة ايضا الي مؤسسة او حاضنة قومية لرعايته ونشر ثقافة مكافحته واعلاء قيمه، ووضع آليات ضابطة لمؤشرات هذا الخطاب من حيث التراجع والصعود في الأوساط المختلفة ، وإثراء الحملات المتعددة الهادفة لإزالة لغة هذا الخطاب بين افراد المجتمع .. من الاهمية بمكان رصد الدولة لميزانية ومنصة إعلامية وتوجيهها، وتخصيص ساعات في كافة الأجهزة الرسمية للدولة وحوافز للقيادات التي ترعي محاربة هذا الخطاب من شأنه ان يغير الصورة النمطية ويقود لخطاب مجتمعي تصالحي وتسامحي له أثره ونتائجه في أعوام محدودة ..وان اليات الرقابة المجتمعية والسلطة القضائية معا لها القدح المعلى في تثوير المجتمع ومحاصرة آثار هذا الخطاب