*حالة الطوارئ القصوى و الإعداد لإعادة الإعمار: الطريق إلى النصر الكامل*
د. عبد تعزيز الزبير باشا
بعد مرور عامين على اندلاع هذه الحرب الوجودية، وبعد أن صمد الشعب السوداني وقواته المسلحة الباسلة في وجه التمرد الإرهابي المدعوم من قوى خارجية، تبرز أمامنا تحديات جديدة لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية نفسها. فإذا كنا قد قطعنا شوطاً كبيراً في استعادة الأرض وتحرير المدن من قبضة الميليشيات، فإن المرحلة القادمة تتطلب إعلان حالة طوارئ قصوى تشمل كل مفاصل الدولة، وتوجيه كل الموارد والجهود لإعادة البناء وتأمين المناطق المحررة قبل التفكير في عودة المواطنين إلى ديارهم.
*إعلان حالة الطوارئ القصوى :*
*ضرورة أمنية تنظيمية* …
إن إعلان حالة الطوارئ القصوى لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة وطنية حتمية. فالوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد يتطلب إجراءات استثنائية لضمان الأمن والاستقرار في كل شبر تم تحريره. دون هذه الحالة، لا يمكن حشد الموارد بشكل عاجل، ولا يمكن فرض الانضباط الإداري والأمني اللازم لمواجهة التحديات القادمة، من فلول المتمردين إلى الخلايا النائمة، ومن محاولات التخريب إلى حملات التضليل الإعلامي.
إن حالة الطوارئ تعني تفويضاً واضحاً ومباشراً للسلطات في اتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية الأمن القومي، ومكافحة التجسس، وتطهير الجهاز التنفيذي للدولة من العناصر المتواطئة، وإعادة فرض هيبة الدولة في كل زاوية من زوايا الوطن.
*الإعداد و إعادة الإعمار أولاً… ثم العودة الآمنة*
لا يجوز بأي حال من الأحوال دفع أهلنا المهجرين قهريا للعودة إلى مدنهم وقراهم المدمّرة، قبل أن يتم توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية: الأمن، الصحة، المياه، الكهرباء، والمرافق التعليمية. فعودة النازحين دون بنية تحتية تعني ببساطة إعادة إنتاج المعاناة، وزرع بيئة خصبة للفوضى والاضطرابات.
إن استعادة الحياة الطبيعية في المناطق المحررة يجب أن تكون أولوية الدولة الآن، بالتوازي مع العمليات العسكرية. ولا بد من تأسيس غرفة طوارئ مركزية تُنسق بين المؤسسات الخدمية، وتراقب جهود إعادة الإعمار، وتضمن إيصال الدعم العاجل من الداخل والخارج إلى المناطق التي تستعيد حريتها.
*المعركة لم تنته بعد… لكننا نُحضّر للنصر الكامل*
المعركة ضد التمرد لم تنتهِ، لكننا الآن في مرحلة نضوج وطني حقيقي، يتطلب وعياً جماعياً بضرورة العمل على أكثر من جبهة: جبهة القتال، وجبهة الإعمار، وجبهة تثبيت الأمن. إننا لا نحارب فقط بالسلاح، بل نبني إرادة جديدة لوطن جديد، أكثر قوة وأكثر وحدة وأكثر حصانة.
ولذلك، فإنني أوجه ندائي إلى كل القوى الوطنية، إلى المؤسسات، إلى رجال المال والأعمال، إلى الكفاءات السودانية في الداخل والخارج: هذه لحظة الحسم، فإما أن نُعيد بناء السودان من تحت الرماد، أو نتركه فريسة للمخططات الأجنبية والدمار المستمر.
السودان أولاً وأخيراً