السودان والتنافس الدولي والإقليمي: بين المصالح، والجيوبوليتيكا!؟
السفير.د معاوية التوم
حرب قوات الدعم السريع المتمردة المفتوحة على البلاد تدخل عامها الثالث والسيناريوهات على أشدها. وهي دليل تنافس إقليمي ودولي والسودان يتموضع بين شمال أفريقيا والقرن الأفريقي، ويطل على البحر الأحمر على شريط ساحلي يزيد عن 800 كيلومتر. تحدّه سبع دول، ما يجعله نقطة تقاطع حيوية في ملفات التجارة الدولية، والهجرة، والأمن الإقليمي. ويزخر السودان بثروات طبيعية هائلة، من الذهب والنفط إلى الأراضي الزراعية والمياه، مما يجعله محط أنظار القوى الكبرى الباحثة عن النفوذ والمصالح، على نحو ما يعكسه الواقع والتاريخ .
فالتنافس الدولي والإقليمي على السودان هو احدى السمات البارزة ومن أكثر أوجه السياسة الخارجية تعقيداً. ويعكس ما يغري الصليح والعدو من مطامع لموقع السودان الجيوسياسي المهم، وموارده الطبيعية وثرواته الوافرة، وأدواره المحورية في قضايا مركزية متعددة مثل الأمن الإقليمي، وممرات التجارة، والهجرة غير الشرعية، والنزاعات العابرة للحدود. وتجربته في معالجة وإدارة النزاعات والتحديات التي واجهته عبر تاريخه الممتد، فيما يلي تحليل موسع لهذا التنافس:
أولاً: الأهمية الجيوسياسية للسودان
• الموقع الاستراتيجي: يقع السودان بين شمال أفريقيا والقرن الأفريقي، ويطل على البحر الأحمر، وهو معبر مهم للتجارة العالمية (قربه من مضيق باب المندب) ونقطة تلاقي فريدة للافريقانية بمفهومها الواسع والعروبة والإسلام .
• الحدود الطويلة مع سبع دول (مصر، ليبيا، أفريقيا الوسطى، تشاد، جنوب السودان، إثيوبيا، إريتريا) وإطلالته على البحر الأحمر تجعله لاعباً محورياً في استقرار المنطقة.
• الموارد الطبيعية: يملك السودان ثروات معدنية وزراعية كبيرة وموارد معدنية متنوعة ، كما أنه غني بالذهب والنحاس والنفط وغيرها ويمتلك أراضي زراعية خصبة ومساحات واسعة غير مستغلة.
ثانياً: القوى الدولية المتنافسة.
1. الولايات المتحدة الأمريكية
• عبر تاريخ العلاقة الطويلة وتقلباتها عبر الحقب تسعى واشنطن إلى دعم انتقال ديمقراطي في السودان على طريقتها وتحجيم نفوذ الصين وروسيا.
• وتركز على الانشغالات الاممية و قضايا السلام وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ، وتدعم الوساطات السياسية تحت مظلة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وفي بعض الأحيان بالتدخل المباشر كما في ضرب مصنع الشفاء ومباحثات جنيف عبر آخر مبعوثيها توم بيريلو.
• و رغم رفع السودان من قائمة الإرهاب، ما تزال التعقيدات قائمة واستمرار العقوبات الانتقائية غير المبررة ، ويظل انسياب الدعم الأميركي مشروطاً بالإصلاحات المدنية والعدالة الانتقالية والانشغالات الدولية التي ترسم صورة متحاملة عن السودان وتوجهاته .
2. روسيا
• لها علاقات قديمة بالسودان، وتهدف إلى إنشاء موطئ قدم على البحر الأحمر عبر قاعدة عسكرية مقترحة في “بورتسودان”.
• وظلت موجودة في أفريقيا وداعمة للسودان عبر مواقفها بمجلس الامن ومنخرطة ايجابا في قضايا الداخل السوداني لضمان نفوذها، وتستخدم قدراتها في انتاج السلاح وتجارة الذهب وسيلة لتعزيز علاقاتها، وتعظيم مكاسبها في المنطقة .
• تنظر إلى السودان كجزء من تمددها في أفريقيا لموازنة النفوذ الغربي وصراع الإرادات الدولي الذي يتسيد المنطقة والاقليم ، وما تزال تجربة فاغنر تترك أثرها السالب على المشهد رغم مصرع قائدها وتلاشي نفوذها، وتقدم مسار العلاقات ايجابا في أكثر من وجهة.
3. الصين
• تركز على الاستثمار في البنية التحتية والطاقة والتعدين، مستغلة سياسة “ذات طبيعة خاصة مع طبيعة النظام دون فرض اجندات سياسية”.
• لا تتدخل في السياسة الداخلية، مما يجعلها شريكاً مفضلاً لبعض الحكومات السودانية السابقة، والتجربة التي تركت بصماتها في أكثر من مشروع وشراكة.
• الصين أيضاً مهتمة بموانئ السودان ضمن مشروع “الحزام والطريق”. واحتفظت بسياسة متوازنة تجاه السودان وتعمل لأجل استعادة تعزيز علاقاتها في احترام متبادل من خلال مواقفها المتوازنة داخل مجلس الامن.
4.بريطانيا
يمثل التنافس البريطاني على السودان جزءًا من تاريخ طويل ومعقد من التفاعلات بين قوى استعمارية متعددة، وقد خلف هذا التنافس إرثًا تسربل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حقبة من الزمان . ويتجلي النفوذ البريطاني مؤخرا فيما يعرف بدور (الرباعية) كونها الدولة حامل القلم في مجلس الأمن ومشروعاتها المستمرة داخله بآثارها السالبة ونفسها المألوف ، وليس اخرها مشروع القرار الذي أجهزت عليه روسيا بالفيتو داخل مجلس الامن، او المؤتمر الذي عقد في بريطانيا منتصف أبريل الجاري ومخرجاته ، لتناول الشأن السوداني أو ما أسموه (الأزمة السودانية) دون دعوة السودان وما سيعقبه .مما يحتاج الي دراسة وفهم هذا السلوك والحقبة التاريخية بشواهدها وتعرجاتها، الأمر الذي سيساعد على استيعاب التحديات الحالية التي يواجهها السودان في سعيه نحو وحدة وطنية وإصلاح سياسي واقتصادي بارادته.
5.فرنسا
العلاقات بين فرنسا والسودان اقتصرت غالبًا على العلاقات الدبلوماسية، والمساعدات التنموية، والتعاون الثقافي، في سياقه الثنائي المحدود .
• لكنها في الثلاثة عقود الماضية لعبت دورًا محدودًا في بعض الوساطات أو المبادرات الإنسانية خاصة في إقليم دارفور نظرًا لقربه من تشاد، وتأثر مصالحها التاريخية بالأوضاع هناك وما تزال. واحتضانها لعبد الواحد نور بأراضيها. وتتشكل فرنسا داخل التيار الغربي وتوجهاته العامة عند التعاطي الدولي ومهمة الضغوط وتبادل الإرادات حول السودان.
ثالثاً: القوى الإقليمية المتنافسة
1. مصر
• ترتبط بعلاقات ثنائية هامة للروابط التاريخية والوشائج مع السودان، وتعتبر استقراره مهماً لأمنها القومي وما يقتضيه الجوار من خصوصية .
• معنية بشكل خاص بالجوار السوداني وبملف سد النهضة وعلاقات السودان مع إثيوبيا، وتتأثر بتحديات الداخل السوداني وتجاذبات الجوار والمنطقة ومحاولات التدخل الخارجي عبر أكثر من مشروع.
• تسعى للاصطفاف مع شرعية الدولة القائمة ومصالح السودان ودعم الدول وكل الأطراف القريبة من رؤيتها في السودان.
2. الإمارات العربية المتحدة
• علاقة متأرجحة منذ العام ١٩٩١م، وبدأ التحول الكبير أثناء ثورة أبريل ٢٠١٩ وعقب اندلاع تمرد وحرب قوات الدعم السريع في ٢٠٢٣م، باتت تلعب دوراً اقتصادياً وعسكرياً في السودان، وتدعم التمرد وأطراف قحت وتشكيلاتها المنشطرة على اطلاقها في النزاع الراهن، وتستضيف المنصة الرئيسية التي تساند التمرد وتسوقه اقليميا ودوليا .
• لها استثمارات ضخمة في الموانئ والزراعة والذهب.
• وبات جليا من خلال ما تعبر عنه تدخلاتها ومواقفها وإسنادها ورعايتها المستمرة للتمرد ، أضحى دورها من خلال ما نشر من تقارير ويثار من تمظهرات في الصحافة الدولية والمنظمات العدلية والإنسانية يعمّق الانقسامات بدلاً من تسويتها، ويغذي حالة عدم الاستقرار الناشئة عن الحرب، وما تعكسه شكاوى السودان لدى مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية يكشف عن اتساع الهوة وتعارض المواقف.
3. السعودية
• الحدود البحرية الممتدة والمكانة التاريخية للمملكة تجعل أهمية راسخة بدورها وإمكانية اتساع سعيها لاجل استقرار السودان انطلاقاً من أمن البحر الأحمر واعتبارات التحالف العربي الاسلامي ومحورية دورها في القضايا الرئيسية للامة.
• استضافت محادثات جدة بين حكومة السودان وقوات الدعم السريع المتمردة،ولكنها لم تشأ في تنزيل مقرراتها على الارض لفقدان المليشيا الإمرة والسيطرة على الأرض وإصرارهم على البقاء في مساكن المواطنيين والأعيان المدنية وخروقاتهم المتكررة للهدن لوقف إطلاق النار وتثبيت حالتها، وتستمر محاولاتها في لعب دور الوسيط الإقليمي الهام.
• تستثمر المملكة في دعم الشراكات في مجال الزراعة والموانئ، وتسعى لممرات غذائية آمنة، ودور متقدم في الإعمار والإسناد الإنساني.
4. تركيا
• علاقة محورية هامة وتاريخ متصل من التعاون المثمر والاحترام المتبادل،وقد ركزت على العلاقات الاقتصادية والثقافية، وسعت في وقت سابق للحصول على امتيازات بميناء سواكن وتدعم بصفة خاصة المشروعات الأثرية كما في شمال دارفور والمسجد العتيق بالخرطوم .
• تبحث عن نفوذ جديد في شرق أفريقيا يوازن قوى الخليج ومصر.
5. إثيوبيا
• شراكة تاريخيّة ممتدة بعمق الجوار والمصالح المتداخلة للشعبين وهنالك من يعتبر السودان خصماً استراتيجياً في ملف سد النهضة ومنطقة الفشقة، وهي ملفات بالغة الحساسية اثبتت الشواهد والتاريخية انها ليست عصية على الحل عبر الحوار المباشر والتفاهمات المشتركة لما تقتضيه مصالح البلدين والجوار من خصوصية ، والامن القومي للبلدين والاقليم معا.
• تسعى بعض الأطراف في المنطقة ان تستغل هشاشة الأوضاع العارضة بالسودان لدفعها لكسب مزيد من السيطرة على الأراضي المتنازع عليها، ولكن وعي قيادة البلدين هو صمام الامان في صونها من
الانزلاق.
٦.جنوب السودان وليبا وتشاد :
• علاقات جوار متشابكة ومهمة لاجل أمن الحدود المشتركة بين السودان وهذه الدول الجارة ، خاصة في مناطق مثل أبيي وجنوب كردفان، تجعل من الجنوب مسرحًا محتملًا لتحركات عسكرية أو لوجستية.
• تداعيات الحرب الماثلة تشير إلى استخدام الدعم السريع لمناطق حدودية في جنوب السودان كـ”ممرات” لعبور الإمدادات أو القوات الي جانب تجنيد المرتزقة ، والقبض على العديد من ابناء الجنوب بين صفوف التمرد.
• في الوقت الذي تحاول ان تلعب فيه ، حكومة جنوب السودان دور الوسيط، لا سيما أن السلام في السودان يؤثر مباشرة على استقرار جنوب السودان، خصوصًا في ظل التاريخ المشترك والخصوصية و العلاقات الإنسانية والاقتصادية المعتمدة و مرور النفط الجنوبي عبر السودان.
• بينما تتعاظم اهمية الجوار الليبي رغم البعد الجغرافي، بحكم أن بعض حدودها أصبحت مصدرًا مهمًا للسلاح، والعتاد والمرتزقة كمعبر للهجرة الدولية. حيث تنتشر أسواق السلاح وتعدد مؤسسات الدولة فيها. وبحكم علاقة حفتر وقائد مليشيا الدعم السريع، حيث تربط بعض التقارير بين عناصر من المرتزقة أو الفصائل المسلحة في ليبيا ودعم ، قوات الدعم السريع، وتاريخ تعامل حفتر الممتد مع حركات دارفور .
٧.تشاد
ظل السودان يحتفظ بعلاقات مميزة مع تشاد حتى قيام تمرد قوات الدعم السريع واستغلالها لحدودها، أو بغضّ الطرف عن تدفق السلاح والمقاتلين المرتزقة. رغم ارتباط الجوار والتداخل الوثيق وما يمكن ان يرتبه تراجع الأوضاع الامنية في أي من البلدين على الاخر. وأيضا وجود لاجئين سودانيين بأراضيها منذ ٢٠٠٣ وعقب الحرب ،وتدفق سلاح ومليشيات قرب الحدود مما زاد من التوترات داخل تشاد.ولا يخفى ارتباطها بما يجري بالسودان من واقع التقارير الدولية الموثقة في ام جرس وغيرها
جعلتها لاعباً أساسياً في الحرب المشتعلة بالسودان.، وهي متأثرة بشكل مباشر ومجبرة على التعامل مع تداعياته. وربما تجد نفسها في موقف صعب بين ضبط حدودها، احتواء اللاجئين، والتعامل مع بعض الضغوط الإقليمية والدولية وفق مصالح بعينها.
رابعاً: التداعيات على السودان
• الأوضاع الداخلية المعقدة بتبعات الحرب وثقل وكثافة التدخلات الخارجية تهدف لأن تصيب أهداف السياسة الخارجية الموحدة بما يسمح بتسلل هذه القوى لتحقيق مصالحها على حساب السيادة السودانية والامن القومي ، والسودان حكومةً وشعبا يدرك هذه الزاوية، وحجم المخاطر والتحديات التي تواجهه، ويستميت في دحر العدو وتثبيت النصر والاستقرار وسد الطريق أمام المشروعات الأجنبية وأجنداتها المكرورة.
• هذه الحرب المفتوحة على البلاد أرضاً وشعبا ودولة وجيش، تسعى لأن تحول السودان إلى ساحة صراع مستدام بالوكالة بين قوى متنافسة، تريد اطالة أمد النزاعات الداخلية والابقاء على حالة الهشاشة واللا استقرار .
• الضغط الخارجي الكثيف على البلاد أدى لتذبذب التحالفات بسبب تغير بعض الولاءات الداخلية، وحالة الرشى والإفقار والدمار التي انتهجها قائد الدعم السريع المتمرد عبر الموارد المهولة التي جيرت لخدمة مشروعه الآثم في تفتيت البلاد وتمزيقها ومحاولات اضعاف الجبهة الداخلية ومواقفها التفاوضية.
• استمرار أثر الضغوط الاقتصادية والسياسية على الدولة والشعب هو غاية كبرى في أجندات بعض الدول النافذة تُفرض بموالاة الضغط والترهيب من الخارج لإجبار السودان على الانضمام لمحاور معينة، وقيادة البلاد تدرك من واقع الحرب اللعين وما كشفت من ثغرات، أن الاصطفاف الداخلي والمساندة التي وجدتها القوات المسلحة من كل القوى الوطنية تؤكد رجاحة الأجندة الوطنية القومية بحسبانها صمام الامان للتماسك الداخلى والنصر وتجاوز هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد .
خامساً: الخلاصة
السودان ليس مجرد دولة على الهامش، بل هو ساحة تنافس استراتيجي بين قوى دولية وإقليمية ترى في اضطرابه فرصة لتحقيق مكاسب. وهذا يفرض عليه، نظرة فاحصة تغوص في أشكال هذا التنافس وتقاطعاته، واتزانه في تحقيق مصالحه العليا لأجل استقرار الدولة والحكم، بتبنى سياسة خارجية استثنائية، ترتكز الي العمق الداخلي تضع المصلحة الوطنية أولاً، وتقوم على:
• عدم الارتهان لمحاور معينة.
• توسيع قاعدة الشراكات الاقتصادية.
• توحيد القرار الدبلوماسي.
• إعادة بناء الثقة الدولية.
. لجم المشروعات الاجنبية.
يعيش السودان اليوم مرحلة مفصلية في تاريخه السياسي، وسط تأثيرات داخلية وجيوسياسية عميقة، وحرب طاحنة تستهدف وجوده، تتقاطع معها موجات من التنافس الدولي والإقليمي على أرضه وامكاناته. لم يأت هذا التنافس من فراغ، بل هو نتيجة حتمية لموقع السودان الجغرافي الاستراتيجي، وغناه بالموارد، ووضعية منظومة الحكم فيه. وهي تبتغي تحويل هذا البلد إلى ساحة تتقاطع فيها مصالح قوى كبرى، مما يفاقم أزماته ويضعف سيادته ويبدد أمنه.
الخاتمة: هل من مخرج؟
لا يمكن للسودان أن يستفيد من موقعه وثرواته ما لم يحقق الاستقرار الداخلي أولاً بالانتصار ودحر العدو الماثل.، وأن يتبنى سياسة خارجية متوازنة تضع المصلحة الوطنية فوق الولاءات والمحاور. فبين أطماع القوى الكبرى والتدخلات الإقليمية، يراد لصوت السودان الحقيقي أن يكون غائباً. واستعادته تبدأ من بناء مؤسسات قوية، وتوحيد القرار السياسي، وامتلاك رؤية دبلوماسية مستبصرة تقود البلاد إلى شراكات عادلة، لا ترهنه إلى تبعية جديدة.
فمنذ اندلاع شرارة الحرب المفتوحة على البلاد من قبل قوات الدعم السريع المتمردة وداعميها ، دخل السودان مرحلة جديدة مغايرة لها ما بعدها في تاريخه السياسي والاجتماعي و الأمني، لتعيد أسئلة السيادة والاستقلال إلى الواجهة. وبعيداً عن تفاصيل الداخل المأزوم، تبرز ساحة موازية للصراع: ساحة العلاقات الخارجية التي تشهد تنافساً حاداً بين قوى دولية وإقليمية تسعى لاقتناص نفوذ طويل الأمد في هذا البلد الاستراتيجي، بشهية نهمة وماكرة رصدت لها الخطط والأموال لابد من التنبيه اليها . نسوق هذه النماذج هنا للتدليل على التنافس الاقليمي والدولي لا الحصر .
النتائج:
لن يخرج السودان من مأزق الاستهداف الذي يتعقبه، إلا عبر بناء سياسة خارجية نابعة من مصالحه الوطنية الخالصة، بعيدة عن الابتزاز والمحاور والانحيازات الظرفية والإغراءات الواهمة. وتتطلب هذه السياسة وحدة القيادة والإرادة، والصف الوطني، بتفويضها الذي كتبته الأقدار والتحديات الماثلة لإنجاز هذه المهمة التاريخية في عزة وكبرياء يثبت جدارة هذه الامة،.ورؤية استراتيجية متوازنة، قادرة على إدارة العلاقات الدولية والإقليمية دون الوقوع في الفخوخ المنصوبة أو الاستغلال.فالسودان، برغم أزماته، ونضاله لأجل البقاء، لا يزال قادراً على الانتصار و استعادة مكانته، إذا ما اختار النزال والصمود لأجل الوطن مهما كلفه من عنت ومعاناة. و هذا ما يفعل بإرادة قيادته وجيشه الذي يخوض أشرس حرب في التاريخ لصون استقلاله ونصرة شعبه. سيتجاوز السودان بحول الله هذا الواقع المرير ويكتب سفره في تاريخ الأمم بنتائج مبهرة على نحو ما تعكسه وقائع الحرب على الأرض من انتصارات وتراجع للتمرد ، رغم الاطباق والحصار عليه، ورغم الإفقار والخراب الممنهج على خلفية التنافس الاقليمي والدولي المقعد.